لأن التعلم أساس بناء المجتمع، ولأن النهوض بالأمم يبدأ من تعليمها، أبت جمعية بوصلة للأعمال الاجتماعية، إلا أن تأتي بفكرة جديدة تروم تعزيز القراءة في صفوف أبناء الرحامنة، وتبعث الحياة في كتب طالها التهميش في ظل الثورة التكنولوجية.

فبمناسبة الذكرى الـ63 لاحتفال المغاربة بعيد الاستقلال، أعطى المسؤول الأول على إقليم الرحامنة انطلاقة تجربة فريدة من جماعة “صخور الرحامنة”، لتكون بذلك بداية مصالحة هذه الأجيال مع الكتاب والقراءة.

 


شاحنة تسهل القراءة

من شاحنة متهالكة إلى قافلة للقراءة، هكذا بدأ مشروع “جسر القراءة”، الذي أطلقته جمعية بوصلة للأعمال الاجتماعية بابن جرير منذ أيام. مشروع يروم، حسب الجهات الساهرة عليه، بعث الأمل في القراءة وتشجيع المواطنين خاصة الفئة الناشئة على حمل الكتاب.

بدأت فكرة المشروع، الذي تصل قيمته إلى حوالي 300 ألف درهم، بتحويل شاحنة متهالكة بمستودع المتلاشيات بابن جرير إلى مكتبة للقراءة متحركة ومتنقلة تشجع سكان جماعات الرحامنة صغارا وكبارا على القراءة بالمجان.

 

في الوهلة الأولى، حسب القائمين على المبادرة، تم الحصول على شاحنة من مستودع المتلاشيات بابن جرير، ليتم الشروع في تهيئتها وترميمها وبعث الحياة فيها، قبل أن تصير مكتبة متنقلة تحمل العشرات من العناوين في مجالات مختلفة.

وحسب أعضاء الجمعية، فإن الكتب الموجودة بهذه الحافلة المتنقلة تهم مختلف الشرائح والفئات العمرية، والتي جرى اختيارها بناء على استطلاع قامت به في وقت سابق، لمعرفة متطلبات الباحثين عن المعرفة وعشاق القراءة.

 


وأكد صلاح عبيدة، رئيس جمعية بوصلة للأعمال الاجتماعية، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذا المشروع خطّطت له الجمعية منذ مدة ليست بالقصيرة، وشرعت في البحث عن شركاء من أجل إخراجه إلى حيز الوجود وتستفيد منه ساكنة جماعات الرحامنة.

وأضاف المتحدث نفسه أن الجمعية تمكنت، بدعم من العامل عزيز بوينيان الذي زكى هذا النشاط الثقافي، من إخراج الفكرة التي راودت الأعضاء بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبعض المؤسسات الأخرى، مشيرا إلى أن هذه المكتبة تسهم أيضا في الحفاظ على البيئة على اعتبار أن الشاحنة تشتغل بالطاقة الشمسية.

مصالحة مع الكتاب

مبادرة تنمية الحس القرائي للشباب والأطفال بجماعات الرحامنة حظيت بإعجاب وتنويه العديد من الفاعلين الجمعويين والمهتمين، حيث لقيت متابعة كبيرة من لدن المستفيدين وتفاعلا من لدن رواد مواقع التواصل الاجتماعي.

طارق المومني، الفاعل الجمعوي عضو “شبكة المواطنة لجمعيات الرحامنة”، أكد أن مشروع “قافلة جسر القراءة” الذي تشرف عليه جمعية بوصلة للأعمال الاجتماعية خلق حركة ثقافية من نوع خاص بمدينة ابن جرير بشكل خاص والرحامنة بشكل عام.

 

وأوضح المتحدث نفسه، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هذه المبادرة جعلت من قراءة الكتب واقعا ملموسا خارج الفضاءات المألوفة كالمكتبات العادية، وشجع عددا كبيرا من الناس على التزود بالكتب وحتى بناء علاقة صداقة مع الكتاب.

بدوره، نوّه الزجال الشاب رشيد كاسم، الذي يعد واحدا من أبناء سيدي بوعثمان، بهذه المبادرة الشبابية، معتبرا أنها ستكون صلة وصل ومصالحة بين الأطفال والشباب مع الكتاب، وستمكن من عودتهم إلى معانقة الكلمة في وقت سيطرت فيه شاشات الحواسيب والهواتف النقالة على حياة المواطن.


وأكد كاسم، في حديثه لجريدة هسبريس، أن “المشروع سيشجع القراءة، ويجعل المستفيدين منها ينفتحون على كتب مختلفة ومتنوعة، كما سيعمل على مساعدة الفرد على الرقي واكتساب المعرفة وخلق حوار وتواصل مع جميع فئات المجتمع في عصر ابتعدنا فيه عن الكتاب بقدر ما تبتعد السماء عن الأرض”.

تنمية الحس القرائي

اعتبر صلاح عبيدة، رئيس الجمعية المنظمة، أن هذه المبادرة الجديدة والفريدة من نوعها بالإقليم وجهة مراكش آسفي تروم الاهتمام بالكتاب وإعطائه قيمة في ظل الحراك الإلكتروني الذي بات يأخذ وقتا كبيرا من المواطن، مضيفا أننا “نحاول إعادة الثقة للكتاب عبر مكتبة متنقلة”.

ولفت رئيس الجمعية الشبابية، التي تقود مبادرات إيجابية بالرحامنة، إلى أن المبادرة تهم جميع الفئات العمرية والاجتماعية والاقتراب منهم، إذ ستعمل على زيارة جميع الجماعات بالإقليم، من أجل المساهمة في تنمية الحس القرائي.

 

وشدد المتحدث نفسه على كون الكتب الموجودة بالشاحنة المتنقلة التابعة للجمعية “بعضها موجه إلى الأطفال بثلاث لغات، وكذا كتب العلوم الإنسانية، الكتب الدينية، وكتب خاصة لمساعدة التلاميذ في الامتحانات الدراسية”.

وأكد صلاح عبيدة أن المشروع يتقاطع مع مشاريع أخرى تتبناها الجمعية، منها كشك القراءة، والذي سيخرج إلى حيز الوجود قريبا، والذي ستنظم به مقاهٍ أدبية، إلى جانب مشروع “بستان الكتب” الذي تتمركز فكرته الأساسية حول تلقين الناشئة أبجديات القراءة. كما أن الجمعية تعد مشروعا شبيها بشاحنة القراءة، عبارة عن دراجات هوائية مكتبية، تتنقل إلى المقاهي والأحياء لتقديم الكتب للمواطنين وتقريبها منهم بغية تسهيل القراءة في زمن باتت تغلب فيه الأنترنيت على كل الورق.